... في خضمِّ "المأساة والإهانة"، لعلَّ في العودة إلى الجذور، بعضاً مما نحتاج إليه لإنتاج نظرة متفائلة إلى المستقبل
"لبنان كياناً ومصيراً"... مقالة للراحل شارل مالك وردت في كتاب "الهجرة: مسألة لبنانية"؟ الصادر عن جامعة الروح القدس- الكسليك عام 1974، يسأل فيها: "ما هي الخصائص التي تحدد لبنان في ذاته، وتميزه تمييزاً حاسماً عن الغير، بحيث إذا قلت لبنان، عنيت هذه الخصائص بالذات، وإذا سقطت هذه الخصائص بالذات، زال لبنان؟ إنها عشر".
الخصائص العشر، وهي: "هذا الجبل الفريد، القرية اللبنانية الفذَّة، مركز لبنان السياحي الممتاز، تجارته العالمية العجيبة، ظاهرة الاغتراب اللبناني بكل ما تعنيه تاريخياً وكيانياً، التواجد المسيحي- الإسلامي السمح الرائع، الحرية الكيانية المسؤولة، الانفتاح على العالم في المكان والزمان، معنى لبنان الفكري المتواضع في الشرق الأوسط وفي العالم، وإسهام لبنان المتواضع في المعترك الدولي".
"الحرية الكيانية المسؤولة"، مشيراً إلى أن "الحرية لا تكون في بلد تعددي كلبنان إلا بالمبادلة، ولذلك فالاحترام هنا بين الطوائف أو البيئات أو الأشخاص متبادل".
"الحرية لا تبقى إلا إذا كانت مسؤولة، ولذلك نعرف تماماً في لبنان أن نميِّز بين الحرية التي تؤول إلى القضاء على الحرية، وبين الحرية التي تطهِّر الحرية وترفعها وتصونها وتعمقها، أعني بين الحرية الزائفة المنافقة التي تنقض نفسها لأنها تجهر بالحرية ولا تؤمن بها، وبين الحرية الأصيلة المنسجمة مع نفسها".
"يساء إلى الحرية بأربع طرق... يساء إليها بالفوضى، وأنا أقر بأن الفوضى شائعة في التفكير والحياة في لبنان، ولذلك فالحرية فيه ناقصة... يساء إليها بالإباحية... يساء إليها بالاستبداد. لكنَّ ثمة طريقاً رابعة للإساءة إلى الحرية، أخطر من هذه جميعاً، أعني طريق الانحطاط. فقد تستطيع أن تعالج الفوضى، وقد تستطيع أن تقوِّم الاستبداد، أما الانحطاط فلا أعرف له علاجاً سوى وقوف غير المنحطين في وجهه، وهم يؤلفون الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني"